ان مجيء السومريين وزمن هجرتهم إلى وادي الرافدين وتحديد الجهة التي نزحوا منها يعد من القضاياالمهمة التي شغلت بال المورخين والباحثين في حضارة العراق القديمة حتى باتت تعرف عندهم ب"القضية السومرية"[1] وذلك لعدم وجود إشارة صريحة تفصح عن موطن السومرين الأول في مانقب من الواح غضارية عدا(ما نقله السومريون عن أنهم تركوا موطنافي ارض جبلية يمكن الوصول إليها بحرا). هذه الإشارة وان كان يكتنفها الغموض حاول جملة من الباحثين البناء عليها بغية كشف ذلك الموطن فبرزت عندهم اراء عدة.
الهجرة إلى وادي الرافدين[عدل] نظرية الهجرة من الخليجيرى المؤرخ بروسوس أنهم جاءوا عبر الخليج العربي بقيادة زعيم يدعى أوانس. ويضيف جواد علي الذي تبنى الرأي نفسه "جاءوا إلى العراق من البحرين في حوالي السنة 2100 ق.م وقد عرفت البحرين باسم دلمون (تلمون) DILMON في نصوص السومريين وقد كانت البحرين محطة مهمة ينزل فيها الناس في هجراتهم نحو الشمال". يعتمد هذا الراي الذي اورده بروسوس ورجحه جواد علي النظرة القدسية الخاصة والتي كانت تحيط بدلمون عند السومريين[5] والتي نجدها حاضرة في بعض القصص الشعبي والاساطير السومرية كملحمة جلجامش وأسطورة إنكي وننخرساك. ان المرجح في هذا الراي اعتبار ارض البحرين محطة نزل بها السومرين عند مقدمهم من موطنهم الأصلي قبل أن يستوطنوا وادي الرافدين. وذلك لان أرض البحرين سهلية وليس فيها سوى مرتفع واحد هو جبل الدخان وهذا يتعارض مع ما ذكر حول موطن السومرين الأول.
نظرية الهجرة من الهنديورد الدكتور جون ألدر رأيا اخر عن هجرة السومريون فيقول ما نصه:"ولايعرف المؤرخون على وجة التحديد من اين اتى هذا الجنس ؟ ولكن أفرادة كانت ملامحهم تشبة إلى حد كبير ملامح سكان أفغانستان وبلوشستان ووادي الهندوس، حتى أختامهم المثلثة الشكل كانت نفس الاختام التي اكتشفت في حفائر ذلك الوادي، أما حضارتهم وهندسة بناياتهم وفنونهم كانت تشبة حضارة وفنون سكان شمال غرب الهند وعلى ذلك نستطيع ان نقول أنه ربما أتى بعض من هؤلاء من جنوب إيران والبعض الاخر من شمال الهند عن طريق البحر واستقر بهم المقام هناك. ولقد عرفت هذة الأرض في ما بعد ارض سومر.
ومما ذكر في سبيل تعزيز هذا الرأي (ان الذي يتأمل في الرسوم والنحت في معابد السومرين ومبانيهم يلمح اثار الهند بكل وضوح، ولاسيما في الرسوم التي وجدت في خرائب مدينة "ديالا" السومرية، ومثل هذة الملامح تبدو كذلك واضحة المعالم في رسوم الأكاديين الذين ظهروا بعد السومرين. كما من الملاحظ أنهم ربوا قطعان من الجاموس يعتقد ان موطنها الأصلي الهند، فقد ثبت ان هناك نوع من الجاموس الوحشي الذي لايدر الحليب. وفي الفلبين لايزال الجاموس عندهم من النوع الذي لاينتفع من حليبه.
ومما يمكن ان نعده تعزيزا آخر لهذا الراي ماوجد من أحجار رصعت بها أعين بعض التماثيل مثل "القثارة الملكية" ذات رأس الثور فقد كان هذا الحجر من نوع اللازورد الأزرق وهو حجر غير موجود في منطقة ما بين النهرين والمناطق المجاورة ويشتهر وجودة في أفغانستان في بيشاور وقد كان موجود في تلك المرحلة في قمم جبال باكستان.
الخروج من عيلاماما الخبير الاثاري هند كوك يرجح ان السومرين جاءوا من المنطقة العيلامية البطانحية حيث كان السومريون والعيلاميون يتكلمون بلغة غريبة غير سامية وكلاهما ورث عن أجداد العيلاميين ثقافة واحدة مشتركة وكلاهما استعمل الكتابة المسمارية. ويؤيد ذلك فرانك فورت أيضا ويضيف إلى ذلك "إن الخزف الذي صنعة السكان في جنوب ما بين النهرين يبين جيء به من فارس وقد احتفظوا في البداية بالرسوم الهندسية الشديدة التشابك التي كانوا يستعملونها في بلادهم الاصلية". وقد رجح هذا الراي احمد سوسة. للتقارب في طبيعة البيئة والحياة بين السومرين والعيلامين.
الهجرة من الأناضولأما أهم الاراء التي خلصت إليها الابحاث الأخيرة ترجح أن السومرين نزحوا من مدينة "كايونو" في الأناضول حيث تعتبر من أقدم المدن في العالم وهذة المدينة يرجع تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد وقيل ان مستوطنيها نزحوا إلى وادي الرافدين لنقص الغذاء أو كثرة السكان وفي هجرتهم هذة اخذوا القمح معهم وقاموا بزراعتة في وادي الرافدين. ويذكر انهم أول من توصل إلى زراعتة وهنالك دلائل على ذلك منها ان القمح ينبت في ارضها بصورة طبيعية ويعتقد ان إنسان كايونو تعلم زراعة الحنطة بعدما استثمر تلك الحنطة البرية. ويذكر أنه وجد في تلك المنطقة أدوات لطحن حبوب الحنطة وهذة الادوات مصنوعة من الحجر وهي تشبة الاناء ومعها اداة أخرى تشبه القضيب تطحن تلك الحنطة. ولا زال المشتغلون على ألواح سومر وفك ألغاز حروفها أمثال العالم كزيو ماكاوا من جامعه كيوتو وغيره في طور كشف المزيد من تلك المعلومات.
المنشأ الرافدينياما المؤرخ الكبير طه باقر فيحتمل ان السومرين لم يأتوا من جهات بعيدة خارج القطر وإنما كانوا أحد الأقوام الذين عاشوا في جهة ما من وادي الرافدين في عصر ماقبل التاريخ ثم استقروا في السهل الرسوبي منه في حدود الالف الخامس قبل الميلاد أو بعد ذلك الزمن عندما أصبح هذا السهل صالحا للسكنى.
مصير السومريين بعد اندثار حضارتهميظهر عرض اراء الباحثين في القضية السومرية شبه إجماع على قول بأن السومرين من الاقوام الوافدة إلى وادي الرافدين التي أسست لحضارة ظلت متواصلة لما يزيد على ثلاثة آلاف عام متتالية. اما الوجهة التي اتخذتها تلك الاقوام بعد افول حضارتها فقد تعارضت فيها اراء الباحثين، فمنهم من ذهب إلى القول بذوبانهم في الاقوام الأخرى التي سكنت العراق، ورجح اخرون نزوحهم خارج وادي الرافدين، وذهب فريق ثالث إلى القول بوجود باقية لهم في اهوار جنوب العراق احتفظت بملامحها والكثير من طرق معيشتها الأولى التي تؤيد تلك الصلة. ومن أبرز الآراء حول مصير السومريين.