الإمامة
سؤال : الحكمة تقتضي نصب الإمام(1) وتوجبه أم لا ؟
جواب : الحكمة تقتضي نصب الإمام وتوجبه .
سؤال : ماحد الإمام ؟
جواب : الإمام هو الذي له الرياسة العامّة في أمور الدين والدنيا نيابة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .
سؤال : ما الدليل على أن الإمامة واجبة في الحكمة ؟
جواب : الدليل على ذلك إنها لطف واللطف واجب في الحكمة .
سؤال : هل يشترط في الإمام أن يكون معصوماً أم لا ؟
جواب : يشترط العصمة في الإمام كما يشترط في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .
سؤال : ما الدليل على أن الإمام يجب أن يكون معصوماً ؟
جواب : الدليل على ذلك وجوه :
(الأوّل) أنه لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدده ثمّ ينقل الكلام إليه ويتسلسل أو يثبت المطلوب .
(1) ويسمى وليّاً وخليفة أيضاً .
(164)
(الثاني) إنه لو جاز عليه فعل الخطيئة ، فإنّ وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب فلايتبع ولغرض من نصبه اتباعه ، فينقض الغرض وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب النهي عن المنكر وهو باطل .
(الثالث) انه حافظ للشرع فلو لم يكن معصوماً لم تؤمن منه الزيادة والنقصان .
سؤال : من إمام هذه الأمة بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟
جواب : عليّ بن أبي طالب عليهالسلام .
سؤال : بم علمتم إنه الإمام ؟
جواب : علمنا بالنص المتواتر من اللّه تعالى ومن رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اما الذي هو من اللّه تعالى فمثل قوله تعالى : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ(1) وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ»(2) . ومثل
(1) فإن الولي بمعنى المتصرف بالاستحقاق وكلمة (إنّما) صريحة في انحصار هذه المزية في ثلاثة (أ) اللّه سبحانه وتعالى فإنه المتصرف في عبيده (ب) الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنه المتصرف في امته . (ج) الإمام فإنه المتصرف في رعيته وعبر عن الأوّلين بصيغة المفرد فإنه لانبيّ بعد . وأما الثالث فقد عبر عنه تعالى بصيغة الجمع إذ لايجوز التعدد في الخالق تعالى ولا في نبيّنا بخلاف الإمام بعد النبيّ فإنه لابدّ من تعدده وتسلسله والخبر المتواتر يثبت نزول هذه الآية في عليّ عليهالسلام حينما تصدق بخاتمه على السائل وهو راكع في الصلاة راجع (المناقب) و (متشابه القرآن) لابن شهر آشوب (فبناء عليه) تنطبق الآية والولاية على علي عليهالسلام كالنص والتنزيل وعلى سائر أولي الأمر بالوصف والتأويل .
(2) المائدة : 55 .
(165)
قوله تعالى : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي»(1) . ومثل قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ»(2) . ومثل قوله تعالى : «وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ»(3). ومثل قوله تعالى : «فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ»(4) . وأمثال ذلك . وأما الذي هو من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم (5) فمثل قوله : أنت الخليفة من بعدي ـ وأنت وصيي وقاضي ديني ـ وسلموا عليه بأمرة المؤمنين ـ واقضاكم علي ـ وتعلموا منه ولا تعلموه ـ واسمعوا له واطيعوه ـ ومن كنت مولاه فعلي مولاه ـ وأنت مني بمنزلة هارون(6) من موسى إلاّ أنه لانبيّ من بعدي ـ واللهم آتني بأحب الخلق إليك يأكل معي هذا
(1) المائدة : 3 .
(2) المائدة : 67 .
(3) التحريم : 4 .
(4) آل عمران : 61 .
(5) تجد شروح هذه الأخبار وتفاصيلها وأسانيدها في كتابي (بحار الأنوار) و (عبقات الأنوار) .
(6) هذا الخبر المتواتر يكفي نصاً على أفضلية علي عليهالسلام على من سواه من الأمة ودليلاً على انه ولي أمر المسلمين بهذه المثابة من موسى وكان شريكه في النبوة أيضاً ، وهذا الخبر يثبت مزايا هارون لعلي عليهالسلام ثمّ يستثني النبوة فقط . ولايخفاك ان كلمة (بعدي) ظاهر في التأخير الزمني .
(166)
الطائر(1) ـ وأنا مدينة العلم وعلي بابها ـ ونعم الراكبان هما وابوهما خير منهما ـ ولاعطين الراية(2) غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله كرار غير فرار (ومثل) مؤاخاته وتزويجه وتعميمه بعمامته وركوبه على ناقته وأمثال ذلك .
سؤال : من الإمام بعد عليّ عليهالسلام ؟
جواب : ولداه الحسن ثم الحسين ثمّ علي بن الحسين ثمّ محمّد بن علي ثمّ جعفر بن محمّد ثمّ موسى بن جعفر ثمّ علي بن موسى ثمّ محمّد بن علي ثمّ علي بن محمّد الهادي ثمّ الحسن العسكري ثمّ الخلف القائم المهدي (صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين)(3) .
سؤال : ما الدليل على إمامة كل واحد من هؤلاء المذكورين ؟
جواب : الدليل على ذلك أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نص عليهم نصاً متواتراً بالخلافة(4) مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للحسين عليهالسلام : « ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة تاسعهم قائماً يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً » ومثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في القائم عليهالسلام : « لو لم يبق من الدنيا إلاّ
(1) يسمى هذا الخبر بحديث الطير المشوي تجد رواياته في كتاب (ينابيع المودّة) كيفية روايات المناقب في عليّ عليهالسلام والأئمة من ولده عليهمالسلام .
(2) قال صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا في علي عليهالسلام يوم غزوة خيبر بعد فرار بعض أصحابه .
(3) تجد تواريخ هؤلاء وفضائلهم في كتب المناقب وفي كتابنا المختصر .
(4) أما في أمير المؤمنين والحسنين عليهمالسلام فمعلوم وكذلك في المهدي عجل اللّه تعالى فرجه وأما من عداهم فيثبت التواتر لمتتبع .
(167)
ساعة واحدة لطوّل اللّه تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي أسمه كأسمي وكنيته ككنيتي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملأت جوراً وظلماً ، يجب على كل مخلوق متابعته « ولأن كل إمام نص على من بعده متواتراً بالخلافة وأنهم عليهمالسلام ظهر عنهم معجزات وكرامات خارقة للعادة(1) لم تظهر على يد غيرهم كعجن الحصا وختمه وأمثال لذلك .
سؤال : من إمام هذا الزمان ؟
جواب : القائم المنتظر محمّد المهدي بن الحسن العسكري عليهالسلام .
سؤال : هو موجود أو سيوجد ؟
جواب : هو موجود(2) من زمان أبيه الحسن العسكري لكنه مستتراً إلى يأذن
(1) المحققون وان ذكروا المعجز من علائم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حال التحدي ولكن لاينافي ظهوره من خليفة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا توقف عليه نصرّة الدين واحياء أمره ، ومتى عرفت ان دلالة المعجز على صدق صاحبه طبيعية كما قدمته فلاغرو إذا استبدل بها الناس على صدق المترشح للإمامة .
(2) ينتقد كثيرون على الإماميّة اعتقادهم بحياة المهدي المنتظر نحو أحد عشر قرناً ولكن الفن والقرآن العظيم يجوزان تعيش الإنسان مئات السنين (أما القرآن) فيذكر حياة نوح النبيّ عليهالسلام ألف سنة إلاّ خمسين عاماً .
وأما الفن فحسبك شهادة الدكاترة الأطباء أصحاب مجلة المقتطف الغراء المصرية في صفحة 239 من المجلد 59 قالوا : « لكن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون إن كلّ الأنسجة الرئيسية من جسم الحيوان يقبل البقاء إلى ما لانهاية له وأنه في الإمكان أن يبقى الإنسان ألوفاً من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته . وقولهم هذا ليس مجرد ظن بل هو نتيجة علمية مؤيدة بالامتحان الخ » وقالوا في الصفحة 240 : « وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة إن الإنسان لا يموت بسبب بلوغ عمره الثمانين أو مائة سنة بل لأن العوارض تنتاب بعض اعضائه فتتلفها ولارتباط اعضائه بعضها ببعض تموت كلها فإذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض أو يمنع فعلها لم يبق مانع من استمرار الحياة مئات من السنين الخ » .
(168)
اللّه بالخروج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلما .
سؤال : ما الدليل على وجوده ؟
جواب : الدليل على ذلك إن كلّ زمان لابد من إمام وإلاّ لخلا الزمان عن إمام مع أنه لطف واللطف واجب على اللّه تعالى في كلّ زمان .
سؤال : ما وجه استتاره ؟
جواب : وجه استتاره كثرة العدو وقلة الناصر ويجوز أن يكون لمصلحة خفية(1) استأثر اللّه بعلمها .
سؤال : قد تقدم أن الإمام وجوده لطف واللطف واجب ، فإذا كان مستتراً كان اللّه تعالى مخلاً بالواجب تعالى اللّه عن ذلك علواً كبيراً ؟
جواب : اللطف الواجب على اللّه تعالى في الإمام هو نصبه وتكليفه بالإمامة واللّه تعالى قد فعل ذلك فلم يكن مخلاً بالواجب ، وإنّما الإخلال بالواجب من قبل الرعية فإنهم يجب عليهم أن يتابعوه ويتمثلوا
(1) ان سيّدنا محمّد المهدي بن الحسن العسكري غاب غيبتين (أولاهما) صغرى زهاء سيعبن عاماً ولعل السبب فيها كثرة اعدائه وقلة انصاره (والأخرى) كبرى والسر فيه حكمة ربانية قد لا يأذن اللّه بظهورها حتى يأذن بظهوره ، ولاغرو فلكل أمة رموز خفية وفي كل ملّة نواميس غيبية فلتكن هذه الغيبة من أسرار آل محمّد عليهمالسلام .
(169)
أوامره ونواهيه ويمكنوه من أنفسهم ، فحيث لم يفعلوا ذلك كانوا مخلين بالواجب فهلاكهم من قبل أنفسهم .
سؤال : ما الطريق إلى معرفته حين ظهوره بعد استتاره ؟
جواب : الطريق إلى ذلك ظهور المعجز على يديه .
(170)